
صناعة السيارات في المملكة العربية السعودية: نحو مركزٍ إقليمي لصناعة السيارات
تعمل المملكة العربية السعودية على وضع أسس قوية لتحويل صناعة السيارات والوصول إلى الريادة العالمية. بدعم من رؤية 2030 الطموحة، والاستثمارات الاستراتيجية والشراكات المبتكرة، وجهود التوطين؛ تخلق المملكة بيئة مواتية للنمو المستدام في قطاع السيارات، مع إدخال المركبات الكهربائية (EV) وإنشاء مصانع للتصنيع المحلي وبرامج تطوير المواهب.
تُسرع المملكة من خطواتها لتصبح لاعبًا رئيسًا في سلسلة القيمة العالمية لصناعة السيارات، من خلال توطين كبرى الشركات المصنعة للمعدات الأصلية (OEMs)، وإنشاء أكاديميات تدريب وطنية، والتركيز على التقنيات الحديثة مثل التنقل الإلكتروني والقيادة الذاتية، مما يبني في المملكة أساسًا قويًّا ومرنًا لهذه الصناعة. وقد أدت هذه الجهود إلى تحقيق إنجازات كبرى، وهي في طريقها لتحقيق رؤيتها في أن تصبح مركزًا إقليميًّا لصناعة السيارات.
إنجازات قطاع السيارات في السعودية:
توطين الشركات المصنعة للمعدات الأصلية والموردين.
نجحت المملكة في توطين عمليات أكثر من أربع شركات رائدة لتصنيع المعدات الأصلية (OEMs)، وسبعة موردين رئيسيين، مما قلل الاعتماد على الواردات وعزز سلسلة التوريد المحلية.
شركة سير للسيارات
أطلقت المملكة شركة سير للسيارات، أول علامة تجارية وطنية للسيارات، من خلال شراكة بين صندوق الاستثمارات العامة (PIF) وشركة هون هاي للصناعات الدقيقة (فوكسكون). وتعمل “سير” على تطوير مجموعة مبتكرة من المركبات الكهربائية التي تركز على التنقل الإلكتروني، والاتصال، وتقنيات القيادة الذاتية، مما يعكس تركيز المملكة على التنقل المتطور والمستدام.
شركة لوسيد موتورز
بدأت لوسيد عمليات التجميع في عام 2023 وأقامت مصنعًا محليًّا في السعودية، وهو أحد أكبر الاستثمارات الأمريكية من قبل صندوق الاستثمارات العامة. لقد خلقت لوسيد تغييرات جذرية في سوق المركبات الكهربائية العالمي، مع خطط للوصول إلى إنتاج يصل إلى 150,000 سيارة سنويًّا في المملكة، مما يعزز مكانة السعودية كمركز عالمي لصناعة المركبات الكهربائية.
شركة هيونداي موتور
نجحت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، بالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة، في جذب شركة هيونداي موتور لإنشاء مصنع تصنيع سيارات متطور في السعودية، تبلغ قيمة الاستثمار الإجمالي أكثر من 500 مليون دولار، وستُنتج المنشأة 50,000 مركبة سنويًّا، تشمل المركبات الكهربائية ومحركات الاحتراق الداخلي، مما يعزز قدرات التصنيع المحلية بشكل كبير.
الأكاديمية الوطنية للسيارات والمركبات (NAVA)
يمثل إنشاء الأكاديمية الوطنية للسيارات والمركبات (NAVA) خطوة محورية في تجهيز القوى العاملة السعودية بمهارات متقدمة في تصنيع المركبات الكهربائية والتقنيات الحديثة في صناعة السيارات.
بناء سلسلة توريد عالمية تنافسية
تعمل وزارة الصناعة والثروة المعدنية على تعزيز مرونة سلسلة التوريد وتقليل الاعتماد على الواردات، ومن خلال برنامج تطوير الموردين المحليين، تهدف الجهود إلى:
- تطوير واعتماد الموردين المحليين: لضمان توافق الشركات السعودية مع المعايير العالمية لصناعة السيارات.
- تعزيز التنافسية: ليصبح المورد السعودي لاعبًا رئيسًا في السوق العالمية.
- تعزيز التعاون: من خلال بناء شراكات طويلة الأمد بين الموردين المحليين والشركات المصنعة الرائدة لدفع النمو الصناعي.
تطوير القوى العاملة
تشكل القوى العاملة الماهرة عنصرًا أساسيًّا في تحقيق طموحات السعودية في قطاع السيارات، وللتغلب على نقص المواهب المحلية المؤهلة، أطلقت وزارة الصناعة والثروة المعدنية العديد من المبادرات:
- برامج تدريب متخصصة ومنح دراسية: من خلال الأكاديمية الوطنية للسيارات (NAVA) وبالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للصناعة، توفر المملكة تدريبًا متقدمًا في تصنيع المركبات الكهربائية والتقنيات الحديثة.
- برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث: بالتعاون مع الجامعات العالمية الرائدة، تستثمر السعودية في تعليم المواهب المحلية في تخصصات متعلقة بصناعة السيارات.
- برنامج تنمية القدرات البشرية: كجزء من رؤية 2030، يركز هذا البرنامج على بناء قوة عمل وطنية مستدامة تلبي متطلبات صناعة السيارات المتنامية.
التركيز على الاستدامة والابتكار
تقوم استراتيجية المملكة في قطاع السيارات على الالتزام بالاستدامة والابتكار. تستثمر السعودية بشكل مكثف في المركبات الكهربائية، والتنقل الذاتي، وتقنيات النقل النظيفة، بما يتماشى مع الجهود العالمية لتحقيق الاستدامة البيئية.
تهدف المملكة إلى تحقيق معدل انتشار بنسبة 30% للمركبات الكهربائية في الرياض بحلول عام 2030، كجزء من التزامها بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060.
الأثر الاقتصادي والنمو المستقبلي
يُعد قطاع السيارات مساهمًا رئيسًا في الاقتصادات الوطنية حول العالم، وتستغل المملكة هذا القطاع لدفع النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل، حيث يخلق القطاع بين 5 إلى 7 وظائف في الصناعات المجاورة مقابل كل وظيفة مباشرة في الشركات المصنعة للمعدات الأصلية (OEMs)؛ مما يعزز الناتج المحلي الإجمالي للمملكة ويوفر آلاف الوظائف عالية الجودة للمواطنين.
من المتوقع أن ينمو قطاع السيارات في المملكة بمعدل سنوي يبلغ 12% بحلول عام 2030، مدفوعًا بالاستثمارات الاستراتيجية في التصنيع المحلي، وإدخال حلول التنقل المستدامة، وتطوير القوى العاملة الماهرة وفقًا للمعايير العالمية.
لا تتوقف طموحات السعودية في قطاع السيارات عند الإنتاج والتصنيع، بل تسعى المملكة إلى بناء نظام بيئي مستدام وتنافسي يدمج بين التوطين والابتكار والتعاون العالمي. ومن خلال التركيز على الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل، تُشكل المملكة مستقبلًا لا يقتصر على تلبية الطلب المحلي، بل يجعلها لاعبًا رئيسًا في الأسواق العالمية.
تؤكد الإنجازات التي تحققت حتى الآن؛ أن المملكة لا تعمل على بناء صناعة للسيارات فقط، بل تبني مستقبلًا قائمًا على الاستدامة والابتكار والفرص.
مع رؤيتها الاستراتيجية، تُعد المملكة في طريقها للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات، مما يسهم في تشكيل مستقبل التنقل والمساهمة في عالم أنظف وأكثر استدامة.



