وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي مع أبرز الشركات الرائدة في دول شرق آسيا
أكد معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية حرص المملكة العربية السعودية على تعزيز الشراكة في مجال الذكاء الاصطناعي مع كبرى الشركات في شرق آسيا، وذلك خلال زيارة معاليه الرسمية التي يرأس خلالها وفدًا يضم عددًا من قيادات منظومة الصناعة والثروة المعدنية، والتي شملت سنغافورة والصين، ومنطقة هونج كونج الإدارية الخاصة التابعة لجمهورية الصين الشعبية.
وتأتي هذه الزيارة في إطار أهداف المملكة، الهادفة إلى تطوير قطاع التقنية والابتكار في قطاع الصناعة، وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للذكاء الاصطناعي، حيث شهدت الزيارة سلسلة من الاجتماعات المثمرة مع قادة الصناعات في مختلف القطاعات، بما في ذلك اللوجستيات والتصنيع والتقنية والأتمتة؛ وذلك بهدف تعزيز القدرات الصناعية للمملكة وتشجيع الابتكار وترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للصناعات الرئيسية.
وفي سنغافورة اجتمع الخريف والوفد المرافق مع منظمات رائدة تلعب دورًا محوريًا في تطوير البنية التحتية الصناعية، والتكنولوجيا، والابتكار، مثل شركة DHL، العالمية الرائدة في مجال اللوجستيات، حيث تركزت المناقشات على توسيع التعاون في قطاع اللوجستيات، من خلال تبني أحدث تقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى لقاء مسؤولي اتحاد التصنيع السنغافوري (SMF)، الذي يمثل أكثر من 3000 شركة تصنيع، وتمحورت المناقشات حول تعزيز القدرة التنافسية للصناعات السعودية من خلال برامج تدريبية ومبادرات بحث وتطوير مشتركة.
وتضمنت اللقاءات الأخرى اجتماعًا مع Singapore Technologies Engineering (ST Engineering)، إضافة إلى وكالة Jurong Town Corporation (JTC) التي تتميز بتطوير مناطق صناعية متكاملة تعتمد على التقنيات الذكية والاستدامة البيئية، حيث تم التركيز على تبادل المعرفة والبحوث المشتركة لتطوير مجمعات صناعية في المملكة تعتمد على الأتمتة والتقنيات الذكية، وبحث الاستفادة من النموذج السنغافوري في دمج التقنيات الذكية والأتمتة في المملكة.
وكانت شركة ST Engineering وقّعت في عام 2022، ثلاث مذكرات تفاهم مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)، لتقديم معدات وقدرات دفاعية متنوعة، بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني والتدريب، كما كانت ST Engineering مسؤولة عن نشر التكنولوجيا والبنية التحتية لمترو الرياض، بما في ذلك تركيب أبواب الشاشة على المنصات ونظام معلومات الركاب لـ69 محطة.
كما اجتمع الوفد مع شركة Meinhardt، وهي شركة استشارات هندسية عالمية، لمناقشة تطوير البنية التحتية المستدامة، مع التركيز على مبادرات بناء القدرات والمشاريع المبتكرة في المملكة، إضافة إلى إجراء مناقشات حول تعزيز التعاون في تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة بالمملكة، وتعزيز البحث العلمي، والاستثمار في التقنيات الناشئة، مع شركتي Enterprise Singapore (ES) و A*STAR وTemasek Holdings.
وتعمل شركة Enterprise Singapore مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في مبادرات المدن الذكية، وتطوير حلول مبتكرة لتحسين جودة الحياة في المدن السعودية وتطبيق أحدث التقنيات الذكية في مختلف المجالات.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مبادرات بين وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية ووزارة التجارة والصناعة السنغافورية للاستفادة من خبرات الشركة في تطوير القدرات وتبادل المعرفة وأفضل الممارسات.
وفي الصين، التقى الوفد عمالقة الصناعة المعروفين بابتكاراتهم التكنولوجية وتطورهم الاقتصادي، حيث زار الوفد منطقة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية في قوانغتشو (ETD Zone)، والتي تعتبر مركزًا حيويًا للصناعات عالية التقنية، وركزت المناقشات على استكشاف فرص الاستثمار المشترك في قطاع التصنيع المتقدم، بما يسهم في نقل التقنيات المتطورة إلى المملكة وتعزيز التنويع الصناعي.
وفي لقاء آخر، بحث الوفد السعودي مع مسؤولي Guangzhou Industrial Investment Holdings Group (GIIH) إمكانية التعاون في الاستثمارات المشتركة في قطاعات البنية التحتية والتكنولوجيا، مع التركيز على دعم المشاريع التي تسهم في تحقيق أهداف المملكة الصناعية، لا سيما في مجالات التصنيع الذكي وأتمتة العمليات الصناعية.
وكانت إحدى النقاط البارزة في زيارة الصين هي الاجتماع مع شركة Huawei، الرائدة عالميًا في حلول التقنية والأتمتة والتصنيع الذكي، حيث تمحورت المناقشات مع Huawei حول كيفية الاستفادة من خبراتها في تطوير القطاع الصناعي السعودي من خلال تقنيات التصنيع الذكي وحلول الثورة الصناعية الرابعة، مما يعزز الإنتاجية والابتكار في الصناعات السعودية، كما هدفت الزيارة إلى تعزيز الشراكة القائمة مع Huawei، التي تحظى بتواجد كبير في السوق السعودي، من خلال استكشاف مبادرات جديدة لتكامل حلول التقنية والأتمتة المتقدمة في المشهد الصناعي السعودي.
واختتم الوفد زيارته في هونغ كونغ، بلقاء مع عددٍ من الشركات المتخصصة في الأتمتة والتقنيات الذكية والبنية التحتية الصناعية، حيث تمحورت المناقشات مع مجموعة USPACE Technology Group Limited المتخصصة في تطوير حلول الأتمتة الصناعية والروبوتات، وتم بحث فرص التعاون في مجال الأتمتة، مع التركيز على تبادل المعرفة لنقل تقنيات الأتمتة المتقدمة وتحسين الكفاءة التشغيلية في القطاعات الصناعية السعودية.
وشملت اللقاءات أيضًا اجتماعات مثمرة مع مجموعة Johnson Electric الرائدة في تصنيع المحركات الدقيقة، وشركة Jiangxi Copper التي تعد أكبر شركة تعدين للنحاس في الصين، وشركة Guangzhou HeyGears المتخصصة في التصنيع الدقيق وأتمتة العمليات الصناعية، إضافة إلى مناقشة فرص الشراكة في مجال التعدين لتعزيز سلاسل التوريد للصناعات السعودية وتصنيع منتجات معدنية عالية الجودة، كما تم تسليط الضوء على فرص التعاون في تحسين كفاءة الإنتاج والقدرات التكنولوجية في المملكة، من خلال تبني تقنيات التصنيع الدقيق والطباعة ثلاثية الأبعاد.
وتأتي هذه الزيارات في ظل هذا المشهد المتغير في قطاع الصناعة، حيث تؤمن المملكة العربية السعودية، بأهمية الذكاء الاصطناعي كمحرك للتحول الصناعي الكبير الذي تشهده، والفرص التي يوفرها للصناعة الوطنية، كتحسين الإنتاجية ورفع الكفاءة من خلال الأتمتة، والتحليل التنبؤي، والصيانة الذكية، إضافة إلى تعزيز الابتكار، من خلال تصميم المنتجات بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وتطوير مواد جديدة، وتحسين العمليات، الأمر الذي سيخلق فرص عمل جديدة في مجالات مثل تطوير وتنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني.
وتسعى وزارة الصناعة والثروة المعدنية إلى تعزيز الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية والبشرية اللازمة لتطوير ونشر الذكاء الاصطناعي في القطاع الصناعي، وأن تكون المملكة ليست رائدة في هذا المجال وحسب؛ بل تساهم بشكل إيجابي في تشكيل مستقبل هذه التكنولوجيا على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وأطلقت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، برنامج مصانع المستقبل، الذي يهدف إلى تحقيق التحول الرقمي لـ4000 مصنع بحلول 2030، إضافة إلى تقييم جاهزية البنية التحتية للمصانع، ودعمها في جميع مراحل رحلة التحول الرقمي، حيث تم إجراء 827 تقييمًا حتى سبتمبر 2024، من خلال عدة مستويات بما في ذلك المستوى الأساسي الذي يهدف إلى تقييم 80% من المصانع في المراحل الأولى من الرقمنة، مع التركيز على التحول الرقمي وكفاءة الطاقة، فيما يستهدف المستوى المتقدم 20% من المصانع لتتبنى تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
كما أطلقت الوزارة بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، مركز التميز للذكاء الاصطناعي في قطاعي الصناعة والتعدين؛ وذلك بهدف تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة تحديات القطاعين ودعم تحقيق الأهداف الاستراتيجية للإسهام في جعل المملكة قوة صناعية رائدة ومركزًا لوجستيًا عالميًا من خلال البيانات والذكاء الاصطناعي.
وبحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، ومركز جراند فيو للأبحاث، فإنه من المتوقع أن يكون حجم سوق الذكاء الاصطناعي في عام 2030 أكبر من حجم البيانات الضخمة والروبوتات والبلوك تشين والمركبات الكهربائية مجتمعة، حيث يعد الذكاء الاصطناعي إحدى التقنيات الحدودية الـ17 التي تتطور بسرعة، ولديها القدرة على التأثير بشكل كبير على الهياكل الاقتصادية والاجتماعية، ومن المتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي ثاني أكبر سوق من حيث الحجم.
ويأتي الذكاء الاصطناعي في قطاع الصناعة، مدفوعًا بالتقدم السريع في الأتمتة، إلى جانب الطلب المتزايد على تحسين تصميم وهندسة المنتجات، وسلاسل التوريد، وأتمتة خطوط الإنتاج، وتعزيز مراقبة الجودة، والتي تعتبر من العوامل المغذية لهذا التوسع، إضافة إلى وصول الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) بالفعل إلى الأداء البشري وتجاوزه في العديد من المهام.